اخطاء التمريض

[size=18]لم تعد الأخطاء الطبية وحدها شبحاً يخيف المجتمع ويزرع الشك داخله ، فهاهو البسيط يخرج من عملية جراحية صغيرة كانت أو كبيرة ويعود مجدداً لعارض صحي ألم به فيكتشف على اثره مخلفات العملية الناجحة على حد زعم من كان له الفضل في الخروج سالماً من سرير المستشفى بجرح سريري غائر في الظهر ومقصاً وأدوات تنظيف في البطن ، فتبدأ معاناة إخراج ما تبقى من مخلفات عملية فاشلة إنسانياً على الأقل بأخطاء مميتة والفاعل مجهول مجهول ..

تعودنا على هذه الحال وتعايشنا مع الأخطاء الطبية وأُجبرت عقولنا قسراً على أن نعتبرها ظاهرة طبية عالمية ، و لادخل لها بالمهنية الحرفية والاهتمام المُعطى من قبل الوزارة المعنية بكيان يرتبط ارتباطا وثيقاً بحياتنا وله الفضل بعد الله في بقائنا على قيدها ...

إلا أن الشق إتسع على راقعة جراحنا ولم تعد هذه الأخطاء المميتة تحرك ما لديهم من مسؤولية تجاه ما يُعتقد أنها مسؤولة عن صحتهم ، فحدث خطأً جديداً ، ربما يحرك الركود في أروقتها ويعيد الدم لعروقها فخلطت بين الأعراق وتساهلت في قضايا الأنساب .

ولم يكن عام 1428 هــ موعداً لظهور أول حالة إعلامياً وإنكشاف خيوط عنكبوتها التي إصطادت به أسرتين لا يربطهما إلا الإنسانية والإسلام ، فبينما كان يعقوب وعلي السعوديين التركيين رضاعة ونشأة وتربية يتلقيان مبادئ الحياة وأسسها على يدي والديهما ، وبعد أربع سنوات تكون فيها جزءاً كبيرا من شخصيتهما وطبائعهما بما يُعرف بالبرمجة التي تتشكل في السبع سنوات الأول إلى أكثر من 90% من شخصية الطفل حالياً، الرجل المكون لإسرة المتعايش مع المجتمع لاحقاً ...

فهل يعني أن يركض كل من سيولد له مولودا ليضع عليه علامة تقليدية تميزه عن غيره كما أقترح متألماً احد رسامي الكاريكاتير أم سيسعون لتحليل الحمض النووي خارج حدود الصحة لأنها تُجرم ذلك ، ولو لم يبحث أحد أطراف القضية لاختلطت الأنساب بعد أن إختلط حابل المستشفى بأخطائه الجسام ....وطاقم التمريض المهجن مهنياً بالمستشفيات ، التي لا هم لغالب منسوبي هذا القطاع المكمل لدور الأطباء ، المتمم لعملياتهم والمسئول عن كل شاردة وواردة تخص المريض من دخوله المشفى وحتى خروجه فحوصات وتحاليل وأشعة وإعطاء الأدوية وليس انتهاء بوضع سوار المولود فور ولادته وأخذ بصمات القدم والتصوير ، إلا أن جميع الأدوار الأساسية المناطة بالممرضين والممرضات أصبحت فرض كفاية عليهم مع الأسف ، لأن الراتب الذي يتقاضاه لا يرقى به ليكون ملاك رحمة ، بل يسعى معظمهم لأخذ شهادة خبرة على حساب المريض المغمض عينيه بانتظار لمسة حرفي حانية ، بينما هم مغمضون أفئدتهم بإنتظار تأشيرة " السعد " لدولة كبرى برواتب مجزية تًرضي غرورهم وتناسب خبراتهم العملية على حد قولهم ......

نعود للقشة التي قصمت ظهر قطاع التمريض ، طفلي نجران هل سيتأقلمان مع الوضع الراهن ، وإذا افترضنا جدلاً أنهما لن يعانيا من تبعات ما حدث وسيتقبلان الوضع بكل براءة كما يدعي البعض ، ما هو موقف أمهاتهن مما حدث ، وهل وضع من يقول أنها عوامل نفسية ستتغير بسهولة بمرور الوقت ، وتكون ذكرى جميلة جمعت بين أسرتين ، أقول هل سأل هؤلاء زوجاتهن على إفتراض ما حدث لو أنه حصل لهن ، أستكون ردة فعلهن مثالية كما ينادون به ...

أعان الله الأسرتين على مصابهما الجلل ، نعلم أنهما لن يستقبلا الطفلين الجديدين اسماً وملامح وعادات وثقافة ولغة بسهولة ،ولن يُعوض عواطفهما إلا " إنا لله وإنا إله راجعون "

ونحن سننتظر المسؤول أمام المجتمع لينصفنا ممن كان مسؤولاً عن هذه الحوادث التي سيُفرد لها بالتأكيد مسلسلاً خليجياً ، يوظف مبالغاته المستحيلة لكن هذه المرة ستكون " معايشات " لأخطاء واقع نعيشه " بقلم " بل بمشرط مستشفى ينتمي لمنظومة إن لم تصحح أوضاع من يحاول نسف جهودها وتفعل ما هو منتظر منها ، فسنـكون كومبارساً لفيلم يمثلون بطولته ويتولون إخراجه لكن بإنتاجنا وبكل رحابة صدر نتابعه ..